Pages

Thursday 2 June 2016

نظرة ثمّ وردة فإبتسامة


قلّما جلست على تلك الكراسي المالحة في يوم ربيعي عاصف، نوعاً ما.
كان البحر هائجاً، غاضباً لا يضحك -كما يقول الشيخ إمام- لكنّه جميل بغضبه حتّى.
ربّما ضحكاته لم تمرّ على مسمعي في ذاك اليوم. 
جلست أتحضّر لأن أدرس، مادة كيمياء الكمّ الجميلة، أدرت ظهري للبحر، لشدّة عصف الريح، كانت السيارات والناس يمرّون من أمامي، والأولاد أيضاً. لكلّ منهم حكاية، حتّى ذاك الشاب الذي يرمقني نظرات إعجابه الخطيرة. 
كلّ هذا غير مهم، كلّ هذا لم يغيّر السكون الطفيف في المحيط الذي يقطنني، بعد. 
كما تبدأ أغلب اللقاءات، نظرة فإبتسامة ثمّ وردة ربّما وأخيراً تصل إلى الشاورما، هكذا تعرّفت على رشيد، أحمد ورعد، بالترتيب من الأكبر إلى الأصغر. 
كانوا يركضون أمامي ويقفزون هنا وهناك، إلى أن افترشو المقاعد التي تجاور مقعدي، ينظرون إليّ ويتوشوشون بالتزامن مع مرور بائع الورد الحزين "جبلها وردة" قال رشيد لأحمد، أو العكس، لاأذكر سوى أنني أخفضت صوت الموسيقى وهذا ما سمعت، وتظاهرت بأنّني لم أسمع شيئاً. 
ما هي إلّا ثوانٍ ويحمل أحمد الوردة الحمراء بيده اليسرى، بخجلٍ منه يمدّ يده نحوي وجسمه منحنٍ يستعدّ للذهاب فورَ قبولي الهدية! 
"تفضلي هيدي إلك" 
شعرت بغبطة، أي سرور، أي سعادة فما كان منّي إلّا أن أبتسم (كثيراً) وأقول له شكراً.


كم هي جميلة تلك اللحظات، حين يحبّك الغرباء، يحبّونك كأنّك عرفتهم منذ بداية الكون، كانّكم تشاطرتم لفّة الصعتر في فرصة العشر الدقائق قبل الصعود إلى حصّة التاريخ المملّة. 
ضحكوا، وقرّر رشيد أن يشتري وردة أيضاً! لم يكن البائع يملك فكّة "فراطة" فإضطرّ الأولاد إلى الذهاب للمحال المجاورة ليصرفوا ال5000 الى ألوفاً، كان مشهدٌ مضحك، فهم لا يتكلّمون بل يصرخون بكلمات طرابلسيّة جدّاً، لا يمشون، بل يركضون، لا ينظرون إلى اليمين أو اليسار قبل المرور من الرصيف الى الآخر، بل يرمون بأنفسهم وكالفهود يركضون بسرعة.
لم أرَ في تهوّرهم، جمالهم، صدقهم، حبّهم ولم أسمع أقسى من قصصهم، بعد. 

#يتبع


7 comments:

  1. صرت قارئة هيدي القصة عندك و عند سمية اكتر من 10 مرات و كل مرة بحس كأن ما بعرفها وعم اقرأها من جديد بكمية الجمال والانسانية للي فيها.. وناطرة ال"يتبع" <3 <3

    ReplyDelete
  2. You have beautiful soul rimal

    ReplyDelete